نهدُكِ أنا | قصيدة عن الجسد، الحرية، والتمرّد

 




نهدُكِ أنا

😶‍🌫️
حينَ أكتبُ على نهدِكِ،
أكتبُ بحرّيّةِ الطيرِ حينَ يكسرُ قفصَه،
أكتبُ بلا مقدّمات،
أقذفُ كلَّ ما أشعرُ بهِ على الورق،
ولا ألتفتُ إلى الصدى،
لا إلى الناقدِ العالقِ في غبارِ الكتب،
ولا إلى القارئِ المتربّصِ خلفَ أصابعي،
يحشرُ أنفَهُ بينَ الكلماتِ
كأنّهُ قاضٍ في محكمةِ العشقِ.
لا أبالي،
لا بوصايا العائلة،
ولا بعيونِ القبيلة،
لا بالحروبِ التي سيشنّها الجميع
على لذّتي فيكِ،
على شهقتي حينَ يعبرُني نهدُكِ
كما تعبرُ العاصفةُ جغرافيا اليابسة.
سأقولها...
سأخرجُ من العلبةِ التي صاغها
المجتمعُ الرجعيُّ حولي،
سأكسرُ جدرانها،
وأتركُ الريحَ تحملُ صوتي.
سأصفّقُ لنهدكِ حتى ينتصب،
حتى ينضج أكثر،
حتى يزهرَ مثلَ داليةٍ
تعانقُ الضوءَ بلا خوف.
وحين أفعل ذلك،
أتقيّأ في وجوههم،
أبصقُ على وصاياهم الباهتة،
وأمزّقُ كفنَ العيبِ والخوفِ،
أرفضُ كلَّ يدٍ تشيرُ إليكِ بالخطيئة،
كلَّ لسانٍ يدينُ نهدَكِ الحرّ،
كأنَّ الحياةَ تُولدُ بلا صدرٍ،
ولا شفاهٍ ترتّلُ النشيد.
لماذا يتّهمون الحانة،
ولا يتّهمون الدالية؟
لماذا يلعنون الخمرَ في كأسي،
ولا يرون النشوةَ في عروقِ العنب؟
لماذا لا يتّهمون الفقرَ،
لا يحاكمون الحربَ،
لا يسائلون الجوعَ الذي ينهشُ المدن؟
لماذا أنا؟
لأنني وافقتُ نهدكِ على كلِّ شيء،
على العشقِ بلا خوف،
على الليلِ بلا تابوت،
على اللهفةِ بلا محكمة.
وقلتُ لهم...
نهدُكِ أنا،
لحمُه لَحمي،
نبضُهُ نبضي،
هوائي الذي أتنفّسهُ
حينَ يضيقُ الصدرُ بالعالم.
نهدُكِ أنا،
بذرتُهُ في دمي،
وثمرتُهُ في شفتي،
كيفَ يفصلونَني عنهُ؟
كيفَ يحاكمونَ جسديَ في جسدي؟
فليتّهموني،
فليصلبوني،
لن أنكرَ شهقةَ الأرضِ فيكِ،
لن أتراجعَ عن يقيني بكِ،
لن أتبرّأَ من نهدٍ
يسمّيني رجلاً كلَّ مساء


الشاعر/لمين مساسط🇩🇿



تعليقات

المشاركات الشائعة