"نشيد الولاء للنهد – قصيدة في معبد الجسد"

نشيد الولاء
☺️
كيف أقدمُ الولاء لنهدكِ؟
كيف أتهيّأُ لحضورهِ دون أن تحترقَ شفاهي؟
أي طقسٍ يليقُ بهذا العرشِ المشدود،
وأي صلاةٍ تكفي كي أكون من المقربين؟
أأقفُ أمامهُ مغمضَ العينين،
أأطيلُ النظرَ حتى يُباغتني النور؟
أأرسمُ دائرةً حولهُ،
وأطوفُ كما يطوفُ العابدُ حول مقامِ الوجد؟
أأتمتمُ باسمهِ سرًا حتى ينفتحَ لي،
كأنني أنقرُ على بابِ اللذةِ الأولى؟
كلما اقتربتُ،
اهتزَّ الهواءُ بيننا،
تنبعثُ منه موسيقى خفية،
موسيقى تغسلُ سقفَ أحزاني،
تعيدُ ترتيبَ أنفاسي،
تُهذّبُ ارتجافَ روحي،
تُربّتُ على عطشي،
تُشعلُ في شفتيَّ توقَ النايِ للنفخِ الأول.
كل العباراتِ التي حاولتُ أن أكتبها عنه،
تبدو ناقصةً وقصيرة،
فالنهدُ لا يُختزلُ في الكلمات،
هو رغبةٌ تتجسّد،
هو نقطةُ التقاءِ الجنونِ بالحكمة،
هو نشيدُ الجسدِ حين يفيضُ بالحياة،
حين يمتلئُ بالشهوةِ كثمارٍ ناضجةٍ تحتَ شمسِ الظهيرة،
حين ينتصبُ،
حين ينحني،
حين يميلُ،
حين يهتزُّ كنبيذٍ في كأسٍ مرتجفة.
إلى أين يتجهُ نهدكِ؟
حين يميلُ مع رعشةِ الريح،
حين يتكورُ بين كفيَّ كأرضٍ أعدتُ تشكيلها،
حين يستكينُ لحركةِ لساني،
حين يتسعُ كشرفةٍ تطلُّ على كلِّ الاحتمالات،
حين يتدلى كثمرةٍ لم يقطفها أحد،
حين يختبئُ في يديَّ كموجةٍ تستعدُّ للانفجار؟
تجدني واقفًا،
أتكئُ عليهِ كمن يستندُ إلى مجرة،
أجعلُ منهُ مئذنةً لأذاني الأول،
وأتركُ نبضهُ يُعيدُ تشكيلَ يقيني،
كأنني أتعلمُ النطقَ من جديد،
كأن شفتيَّ تُعيدانِ اكتشافَ الحروف،
كأنني أبحثُ عن اسمي الضائع بين أضلاعهِ الناعمة.
حين يفيضُ بالحبر،
حين يمتدُّ كظلٍّ على جسدي،
أرتمي تحتهُ كعابدٍ أرهقهُ التعب،
أتركُ وجهي بين كفّيهِ الناعمين،
وأدعُهُ يلقّنني دروسَ الولاء،
دروسَ الطاعةِ الكاملة،
دروسَ العشقِ الأول،
دروسَ الاستسلامِ الجميلِ بين يديه.
إلى أين يتجهُ نهدكِ؟
حيث تنتهي المسافةُ بين الشوقِ والتجلّي،
وحيثُ أجدني…
لاجئًا في مدارِه الأبدي.
أنا العابدُ التائهُ في انحنائته،
المشدودُ إلى وهجهِ كنجمٍ
يذوبُ في مدارِ شمسه،
المفتونُ بارتعاشهِ كقصيدةٍ
لم تجد نهايتها بعد،
المسحورُ بامتلائهِ كنهرٍ
يحملُ في صدرهِ أسرارَ المدِّ والجزر،
المحكومُ برغبتهِ،
ولا خلاص لي إلا فيه.
للشاعر/لمين مساسط🇩🇿
تعليقات
إرسال تعليق